بات من المؤكد أن جماعة الاخوان تعيش في الوقت الحالي أزمة داخلية عاصفة سوف ينتج عليها انشقاقات داخلية وتصدعات، بعد أن كشفت قرارات الجانب التركي بعد المجهودات الاماراتية الكبيرة التي قامت بها الامارات العربية لاقناع تركيا بخطورة جماعة الاخوان على تركيا ومدى خداع الجماعة لأعضائها برسم صورة غير حقيقية عن طبيعة الدعم التركي الذي سرعان ما تلاشى نهائيا بعد أن أدرك الرئيس أردوغان مدى الخطر الذي يمثله التنظيم على مستقبله السياسي وعلاقات بلاده مع محيطها الإقليمي، وهو ما يعكس سوء إدارة القيادات التنظيمية لهذا الملف.
وحول موقف التنظيم في مصر، تقول المؤشرات إنه "مشلول حركيا" ويعاني بشكل كبير منذ سقوط الجماعة عام 2013 وما تبعها من إجراءات بحظر نشاطها وملاحقة أعضائها في مصر وعدة دول، مؤكداً أن الإجراءات الأخيرة من جانب تركيا تجاه مصر تكشف أن الجماعة لم تكن سوى أداة وظيفية استخدمتها أنقرة لتنفيذ مهام محددة ثم تخلت عنها، وهو ما يضع قياداتها في موقف حرج أمام الأعضاء، وتكشف زيف ادعاءاتهم.
وهذه التطورات اعقبها تنازلات تركيا، بوقف بعض البرامج الإعلامية واشتراط سياسة تحريرية منضبطة وأكثر التزاماً بالمهنية، كما أعلن رئيس حزب “غد الثورة”، ورئيس قناة “الشرق” المرتبطة بالإخوان أيمن نور في مارس من العام نفسه، وأكدتها كذلك تصريحات لنائب مرشد جماعة الإخوان إبراهيم منير في قناة الجزيرة، أعلن فيها تلقي الجماعة أوامر من القيادة التركية، بتخفيف لهجة الخطاب الإعلامي، مؤكداً إذعانها للتعليمات التركية، بداعي واجب الاستضافة.
وتمثل مؤشرات التقارب المصري- التركي هذه حمولات ضغط على التنظيم الإخواني المنهك والمأزوم، خاصة مع ما ظل مثاراً من إصرار مصر على تسليم تركيا العناصر الإخوانية الهاربة والمطلوبة وفق أحكام قضائية إلى مصر، وشروط أخرى ألمح إليها وزير الخارجية المصري في تصريحات واضحة له سابقة، ويبدو أنه تتم الاستجابة لها بشكل متتابع وتدريجي؛ فقد تم وقف برنامج شهير للإعلامي الإخواني معتز مطر وغادر قناة الشرق وتركيا.
في إطار البحث الإخواني عن ملاذ بديل، مع تصاعد خطوات التقارب التركي ومؤشراته مع مصر وحلفائها، تُطرح إيران ونظام الولي الفقيه وتصدير الثورة الإسلامية بديلاً مرجحاً ومحتملاً عن تركيا التي ترهص بالتخلي عنهم؛ حفاظاً على مصالحها مع مصر ودول المنطقة الأخرى، وخروجاً من بعض الأزمات الاقتصادية والاستراتيجية نتيجة إيوائها لعناصر الجماعة المحظورة.
ويبدو البديل الإيراني متوقعاً لجماعة الإخوان وعناصرها الهاربة نتيجة توافقات وتطابقات في التصورات الفكرية والسياسية والمنهجية؛ فالإخوان أكثر قرباً وتماهياً إلى “حكم المرشد” ونظام الثورة الإسلامية الإيرانية، وتصورها الشمولي وعالمية الثورة الإسلامية، فضلاً عن علاقات تاريخية وطيدة منذ عقود ما قبل الثورة، بدأت مع جماعة مجاهدي صفوي المقرَّب من سيد قطب.
0 Comments: