يحتاج انجاز التسوية الرئاسية في لبنان الى عدة عوامل، إذ إما ان تقوم على فكرة التسوية الاقليمية والدولية والتي تؤدي الى فرض تسويات على القوى السياسية المحلية بهدف إنهاء أزمة أو تثبيت واقع قائم في المنطقة ، أو تحصل نتيجة صراعات كبرى ينتصر فيها الطرف الاقوى على الاضعف من بين العوامل أيضاً حصول تسوية داخلية كبرى تعزل تأثير الأزمات الخارجية على الواقع المؤسساتي الداخلي. وهذا الامر يحدث عادة على شكل "تهريبة" خلال انشغال القوى الاساسية في المنطقة او القوى الدولية العظمى بأزمات وحروب تعيقها عن التفرّغ لشؤون الدول الصغرى وتسويات من هذا النوع.
وبحسب مصادر سياسية شديدة الاطلاع فإن المشهد اللبناني يتّجه على الاغلب نحو الاحتمال الاول، إذ إن القوى السياسية المحلية لا تبدو قادرة على انتاج تسوية رئاسية جدية تؤدي الى إبعاد كل التأثيرات الاقليمية، بالرغم من أن القوى الاقليمية منشغلة في هذه المرحلة بشكل كبير وكذلك الامر بالنسبة للقوى الدولية، غير أن الواقع اللبناني غير جاهز لمثل هذا الخيار.
من الواضح أن ابرز المهتمين بالملف الرئاسي هم الفرنسيون الذين حصلوا على تفويض من الولايات المتحدة الاميركية لإطلاق المبادرات في الساحة اللبنانية على خط الرئاسة. ولكن، وبمعزل عن باريس، ترى المصادر أن الجهات الدولية لا تبدو مستعجلة لإتمام هذا الاستحقاق بانتظار التطورات الاقليمية التي قد تغير توازنات القوى، وبالتالي تحسّن شروط هذا الفريق او ذاك.
ولعلّ احدى اهم العوامل التي قد تؤثر مباشرة في الملف الرئاسي هي التسوية السعودية - الايرانية والتي لا تزال المشاورات والمفاوضات حولها قائمة رغم بعض الجمود الذي شابها في الفترة الاخيرة. كذلك، فإن التقارب الخليجي - السوري الذي تفرمل في المرحلة الفائتة يمكن أن يكون بادرة حسن نية في حال انطلاقه من جديد، وقد يؤدي الى التفاهم حول شخصية مقبولة من الطرفين لرئاسة الجمهورية. لذلك من الواضح ان التسويات على مستوى المنطقة ستكون اكثر فاعلية منها على مستوى الواقع الدولي.
.
0 Comments: