لا شك أن جولة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الخليجية ركزت على التعاون الفرنسي - الخليجي في الجانب التجاري والاقتصادي والمصلحة المشتركة بين باريس ودول المنطقة فضلا عن الجانب العسكري الأمني المتصل بصفقات بيع أسلحة وطائرات حربية مثل الرافال، بيد ان مصادر فرنسية تشير الى ان هذا الشق من المحادثات في السعودية لم يكن على قدر المتوقع، على عكس مباحثات ماكرون في الامارات والتي كانت إيجابية ومثمرة ويبنى عليها في شق العسكري والامني، فالإمارات ستكون أول دولة تشغل نسخة حديثة من طائرات رافال خارج فرنسا.
قبل أن يحط ماكرون في الرياض كان يدرك، وفق المصادر، ان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لن يعطيه كثيرا في السياسية، رغم أنه قدم تنازلات في زيارته المملكة فهو أول رئيس غربي يزور بن سلمان منذ مقتل الصحافي السعودي المعارض جمال خاشقجي في تركيا ليحصل في المقابل على وعود تتصل بملف لبنان الذي يشكل، كما العراق، الورقة الأهم لفرنسا في الشرق الاوسط فضلا عن اهتمامه ودعمه لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي تراهن عليه باريس وتسعى الى قطع الطريق على من يحاول افشال حكومته من خلال العمل على كسر الحصار عنها.
ما إن عاد ماكرون إلى باريس، حتى بدأ ولي العهد السعودي جولة لدول مجلس التعاون الخليجي استهلها من سلطنة عمان فالامارات وقطر فالبحرين والكويت والتي تأتي قبيل قمة دول مجلس التعاون التي تحتضنها الرياض منتصف الشهر الجاري، وبالتوازي مع سياسة خليجية جديدة تجاه الجمهورية الإسلامية تتمثل بانفتاح إماراتي وكويتي وقطري على تحسين العلاقات معها ربطا بسلطنة عمان التي تربطها بايران علاقات جيدة. وهذا يعني وفق المصادر نفسها ان الرياض تعيش حصارا غربيا واميركيا على وجه الخصوص من جراء سياستها في المنطقة(اليمن ) على عكس الامارات التي خرجت من حرب اليمن على وقع التحولات الدولية الاقليمية وذهبت الى فتح صفحة جديدة من العلاقات مع ايران.
في خضم كل ذلك، فإن الترقب سيد الموقف لانعكاس هذه التحولات والجولات الفرنسية والخليجية – الاقليمية على لبنان، علما ان وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان سوف يقوم بجولة في الخليج بين منتصف كانون الثاني واوائل شباط استكمالا ومتابعة لزيارة ماكرون ومساعيه لحل الازمة اللبنانية، مع تأكيد المصادر نفسها ان هذه الزيارة قد تشكل خطوة متقدمة تجاه لبنان.
لا سيما وان المعلومات الواردة تشير الى ان دول الخليج تتجه الى التخفيف من حدة ضغوطها على لبنان في حين ان العلاقات اللبنانية - السعودية من المبكر الحديث عن عودتها وان كان اتصال بن سلمان بميقاتي قد فتح كوة وكسر الجليد. فالرياض لن تعود الى لبنان الا بعد استقراره الذي يخولها استرجاع دورها فيه مع تأكيد المصادر نفسها.
ان ملف سوريا ولبنان مترابطان ومن الطبيعي ان تنعكس المفاوضات الأميركية - الروسية – الإيرانية – التركية حول الملف السوري على لبنان، خاصة وأن أي تفاهم سياسي حيال سوريا سيستتبع بدخول سعودي على خط تمويل اعادة الاعمار في سوريا والذي من شأنه ان يعيد دورها السياسي في لبنان. وهنا تقول المصادر إن قطر لا يمكنها ان تلعب دور الوسيط بين لبنان والسعودية كما يظن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون فهي لن تغضب المملكة مهما اختلفت مقاربتهما للازمة اللبنانية ناهيك عن انها ملتزمة ايضا مع الحلف التركي.
0 Comments: