الثلاثاء، 7 سبتمبر 2021

من المستفيد من اشعال نار الفتنة في لبنان

لمن لا يتذكّر نعيد سرد تسلسل بعض الأحداث التي سبقت الإنفجار الكبير في 13 نيسان 1975. صحيح أن الشرارة إنطلقت من "بوسطة" عين الرمانة. ولكن من كان يُخطّط لوصول لبنان إلى ما وصل إليه في ذاك التاريخ، أي بداية الحرب التي أُطلقت عليها تسميات كثيرة، ومن بينها "الحرب الأهلية" و"حرب الآخرين على أرض لبنان"، كان يعرف نقاط الضعف في التركيبة اللبنانية الطائفية الهشّة، وكان يعرف أيضًا أن النفوس مهيأة أساسًا لكل أنواع الإنجرار وراء الغرائز والعصبية والتعصّب الأعمى.

ولأن مَن كان يخطّط للمؤامرة الكبرى كان يعرف كل ذلك، حاول بكل الطرق اللوجيستية والنفسية تهيئة المناخات الملائمة لهذا الإنفجار الكبير، الذي لا نزال نعيش نبعاته، على رغم مرور زمن طويل عليه. فكانت المناوشات المتفرقة والمستتبعة بين وحدات من الجيش وبعض الفصائل الفلسطينية في أكثر من منطقة، وبالأخصّ في المناطق التي كانت تُعتبر مسيحية بفعل تواجد أكثرية مسيحية فيها كمخيم تل الزعتر مثلًا ومخيم ضبيه تتوالى فصولًا ومن دون توقّف.

ولمن نسي أو تناسى فإن الشرارة الأولى التي سبقت إنفجار عين الرمانة كانت من صيدا، حيث إمتدّت يد الشرّ لتغتال المناضل الشعبي معروف سعد، يوم كان يطالب بإنصاف الصيادين، وهم من الفئات الشعبية المهضومة حقوقها، كما هي الحال اليوم، ولكن في شكل أوسع وأعمّ، إذ أصبح الشعب كله مهمّشًا ومهدورة حقوقه.

بالأمس كان الخبر ينتقل ببطء، إذ لم تكن الإذاعات والتلفزيونات منتشرة كما هي الحال اليوم. وكان مصدر الخبر الإذاعة اللبنانية، ومن ممن عايشوا تلك الفترة لا يزالون يتذكرّون شريف الأخوي، و"سالكة وآمنة"، وأيضًا تلفزيون لبنان الذي شمله في ما بعد الفرز الطائفي فأصبح تلفزيونين، واحد في الحازمية وآخر في تلة الخياط. ولم تكن "الفلاشات" دارجة، ولم يكن المواطن يعلم بما يحدث سوى إذا إستمع إلى نشرات الأخبار المسائية.

أمّا اليوم ومع سرعة إنتشار الخبر عبر الأقمار الصناعية وعبر الأثير ومواقع التواصل الإجتماعي اصبحت "مهمة" المخطّطين والمنفذين أسهل، إذا أصبح في إستطاعتهم بث كمية أكبر من الحقد والكراهية بالآف المرات أكثر من السابق. وهنا يجب ألا ننسى أن ثمة جهات كثيرة تحاول الإستثمار أمنيًا من خلال إستغلال وجع الناس وما يعيشونه من أوضاع إقتصادية وإجتماعية صعبة وخطيرة، مع ما يُبثّ من كمٍّ هائل من الإشاعات المغلوطة والمعلومات المضللة والكثير من "القال والقيل"، بهدف خلق نوع من البلبلة والفوضى المنظّمة والممنهجة والهادفة إلى خلق حال من الذعر والخوف.

0 Comments: