الخميس، 11 مارس 2021

الانهيار الاقتصادي يهدد المؤسستين الأمنية والعسكرية في لبنان


تتنامى مشاعر الاستياء في صفوف قوات الأمن اللبنانية بعد أن تآكلت قيمة رواتبهم بفعل انهيار العملة، في وقت تتصاعد فيه الاضطرابات وتتفشي الجريمة.

وانهارت الليرة وفقدت 85 بالمئة من قيمتها منذ أواخر 2019، تحت وطأة أزمة مالية تمثل أكبر تهديد للاستقرار منذ الحرب الأهلية بين عامي 1975 و1990, وتدنت قيمة الراتب الأساسي الشهري للجندي أو رجل الشرطة، من حوالي 800 دولار لأقل من 120 دولارا في الوقت الراهن. ودفعت تخفيضات الميزانية الجيش إلى استبعاد اللحوم من قائمة وجباته في العام الماضي.

وتبرعت السفارة الفرنسية الشهر الماضي بعبوات غذائية للجيش اللبناني الذي يحظى منذ زمن طويل بدعم الدول الغربية، بينما يحذر بعض المسؤولين من أن قوات الأمن ستجد صعوبة في احتواء الاضطرابات.

وأكثر من نصف اللبنانيين فقراء الآن، مع انخفاض الأجور بشكل عام وارتفاع الأسعار وعدم وجود خطة إنقاذ حكومية في الأفق. وكانت هذه هي الحال حتى قبل أن تهبط العملة لمستوى قياسي الأسبوع الماضي في أعقاب شهور من الشلل السياسي.

ونفى الجيش وقائده ووزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال تقارير وسائل الإعلام المحلية في الآونة الأخيرة عن أن الصعوبات الاقتصادية دفعت جنودا إلى الهرب من الخدمة, لكن ثلاثة مصادر أمنية قالت إن تصاعد الضغوط على العسكريين من الرتب الدنيا يثير بالفعل المخاوف من فرار الجنود.

وقال أحد أفراد الأمن طالبا عدم كشف هويته، إنه يريد المغادرة بعد سنوات طويلة في الخدمة لأنه لم يعد قادرا على دفع الإيجار، مضيفا أنه يعرف ثلاثة آخرين فروا من الخدمة، وهو عمل يعاقب عليه القانون، معربا عن مخاوفه من أن القادة العسكريين سيرفضون إذا قدم طلبا للرحيل.

وقال مصدر أمني آخر إن حالات الفرار من الجيش لا تزال في حدود الأرقام المعتادة قبل الأزمة، إلا أن هناك خططا لزيادة المساعدات بهدف تجنب حدوث زيادة، مضيفا "عم نشعر بالخنقة بس عم نصمد", ومضى يقول إن الشعور بالواجب الوطني إضافة إلى تضاؤل فرص العمل في جميع أنحاء لبنان ساعدا في منع حدوث اضطرابات في صفوف القوات، لكنه حذر من دفعهم إلى حافة الهاوية.

ومن المتوقع زيادة الاضطرابات في لبنان في ظل ما يعيشه من توتر، فقد أحرق محتجون الإطارات وأغلقوا الطرق الرئيسية منذ انخفاض الليرة إلى أدنى مستوى لها.

وبعد يوم واحد من طلب الرئيس ميشال عون من القوات فتح الطرق، لا يزال محتجون يسدون الطرق السريعة المؤدية إلى خارج بيروت اليوم الثلاثاء.

وقال مصدر أمني إن الانهيار الاقتصادي أفضى إلى زيادة في جرائم السطو مع تزايد أعداد محاولات سرقة الطعام أو حليب الأطفال أو الأدوية، مشيرا إلى حدوث زيادة في جرائم توقيف السيارات وسرقتها تحت تهديد السلاح.

في 2020، قفزت جرائم القتل 91 بالمئة مقارنة بالسنة السابقة لها حسبما ذكرت شركة الدولية للمعلومات للأبحاث استنادا لبيانات الشرطة. وارتفعت جرائم السرقة بنسبة 57 بالمئة وبلغت سرقات السيارات أعلى مستوى في تسع سنوات.

وقالت جمعية "يازا" الخيرية للسلامة على الطرق إن حوالي 10 آلاف من أغطية بالوعات الصرف الصحي اختفت في بيروت، إذ يبيع اللصوص الأغطية المصنوعة من الحديد الزهر بسعر 100 دولار للواحدة وهو مبلغ يفوق الحد الأدنى للأجور في لبنان, ودفعت مخاوف السرقات الكثيرين إلى توخي الحذر فعلى سبيل المثال تجنب استخدام ماكينات الصراف الآلي ليلا. وقال ثمانية، من بينهم مصمم ومهندس، إن هذا الوضع دفعهم لشراء مسدس.

وفي تعليقات صريحة على نحو غير معتاد، قال قائد الجيش العماد جوزيف عون الاثنين إن تحذيراته من أن الضغط المادي والمعنوي على الجنود ربما يؤدي إلى "انفجار" لم تجد آذانا صاغية، مضيفا "العسكريون يعانون ويجوعون مثل الشعب"، متسائلا "أتريدون جيشا أم لا؟ أتريدون مؤسسة قوية صامدة أم لا؟

0 Comments: