يودّع اللبنانيون مساء اليوم واحداً من الأعوام العجاف الذي قلب حياتهم رأساً على عقب، فالـ2022 على غرار السنوات الأخيرة التي سبقتها، شكلّت مخاضاً عسيراً أربك حياة المواطن اللبناني بمختلف تفاصيلها والمفارقة الوحيدة التي كانت من الممكن ان تجعل من الـ2022 مختلفة عن سابقاتها، هي إمكانية انتخاب رئيس جديد للجمهورية في أشهرها الأخيرة بعدما أعلن شهر تشرين انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون.
لكن رياح السياسة في لبنان لم تجر بما يتوافق مع مصلحة المواطن ومع محاولة تخفيف حدة الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها والتي لا يمكن الحديث عن اي حلّ لها قبل استنباط الحلول في الشق السياسي المرتبط بها بشكل وثيق وأكيد، فالحلول في لبنان تكون سياسيةً أولاً ومن ثم اقتصادية ولبلوغ الحلّ السياسي، لا بدّ من الانطلاق أولاً من انتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية يعيد انتظام العمل المؤسساتي والدستوري في لبنان اذاً، تبدو المعادلة واضحة وصريحة: حلّ سياسي يبدأ حصراً بملء الشغور الرئاسي ويليه حلّ اقتصادي قد يكون متعدد الجوانب والاتجاهات.
وفي اطار الحديث عن الحلّ السياسي، لا بد من الاشارة الى ان الجلسات الـ10 الانتخابية التي دعا اليها الرئيس نبيه بري، على الرغم من عدم تمكنها من ايصال اي شخصية الى بعبدا، الا انها في الحدّ الأدنى جعلت من الصورة الرئاسية أكثر وضوحاً وأكدت عدم امكانية وصول اي شخصية الى سدة الرئاسة اذا كانت تحمل مشروعاً استفزازياً لأي طرفٍ من الأطراف اللبنانية وفي هذه الجلسات الـ10، بدا رئيس تيار المرده سليمان فرنجيه الحاضر الأكبر على الرغم من عدم ورود اسمه في الأوراق الانتخابية الا مرة وحيدة ويتيمة ،وعلى الرغم من ان تمثيله في الندوة البرلمانية مرتبطٌ فقط، وبشكل مباشر في اعضاء "التكتل الوطني المستقل" الذي يمتد من زغرتا الى بشري فالمتن وكسروان.
وفي هذا السياق اشارة واضحة الى نقطتين أساسيتين:
الأولى مفادها ان رئيس الجمهوية في لبنان لا يُصنع بتعداد الاصوات والاوراق وبالبيانات الاعلامية الطويلة منها والمقتبضة.
والثانية، تشير الى ان رئيس الجمهورية في لبنان، لا يُصنع من خلال أعداد الكتل النيابية ذات البعد الطائفي والسياسي الواحد، انما عبر اجماع وطنيّ يتخطى الطائفة والحزب، انطلاقاً من مفهوم ثابت ومتمثل في ضرورة ان يكون قصر بعبدا ساحة لقاء وتواصل بين جميع اللبنانيين.
0 Comments: