السبت، 3 ديسمبر 2022

ليس من يريد تأمين الأمان الصحي للمرضى هو من يعطّل انتخاب رئيس للجمهورية

انتخاب رئيس للجمهورية

من أجمل ما قيل في الكتاب المقدس أن الحرف يقتل أما الروح فتحيي. بمعنى أن التقيّد بالنصوص الجامدة وحدها من دون النظر إلى الأهداف التي من أجلها وضعت النصوص القانونية قد تؤدّي إلى فقدانها أهم مبررات وجودها، وهذا ما كان يفعله الفريسيون، وما يفعله اليوم من هم أكثر "فريسية" من الفريسين أنفسهم، الذين يشبهون القبور المكّلسة. وما قيل عن أولئك قبل ما يقارب الألفي سنة يُقال اليوم عمّن يشبههم، الذين يتمسكون بالقشور وينسون الجوهر، وهم يعرفون أن الإنسان والاهتمام به وبصحته ومستقبله أهمّ من النصوص، التي يحاول البعض تفسيرها على ذوقه، 
ويتلطى وراءها لغايات في نفس يعقوب

فما كاد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يلمّح الى ضرورة عقد جلسة لمجلس الوزراء لإيجاد حل للأمان الصحي، الذي يحتاج إليه المواطن في هذه الأيام الصعبة أكثر من أي أمر آخر، حتى قامت قيامة رئيس "التيار الوطني الحر" السيد جبران باسيل ولم تقعد، متهمًا الرجل بأنه يسعى إلى تغييب دور رئيس الجمهورية والحلول مكانه. فهذا الأمر مجاف للحقيقة، ولا يعدو كونه فصلًا جديدًا من فصول "إمّا أنا أو الطوفان". 
 
في الواقع لم نفهم ردّة فعل السيد باسيل، الذي لا يريد أن يؤّمن الأجواء الملائمة لانتخاب رئيس للجمهورية، ويقطع الطريق على كل من يحاول أن يحدث ثغرة في جدار هذا الاستحقاق، ولا يزال يصرّ على خيار "الورقة البيضاء"، لأنه يرفض أن يتبنّى "حزب الله" ترشيح رئيس تيار "المردة" الوزير السابق سليمان فرنجية، محاولًا بذلك إقناع "حارة حريك" بأن لا مناص لها من ترشيح من لديه حيثية مسيحية، وهو القادر، كما فعل الرئيس السابق ميشال عون، على حماية ظهر "المقاومة"، وأن عقدة العقوبات الأميركية سوف تُحّل قريبًا. 

وإلى أن يحين الوقت الذي يقتنع فيه "حزب الله" بـ"أحقية" ترشيح باسيل وتفضيله على فرنجية أو أي مرشح آخر، وإلى أن يحين أوان التسوية الخارجية، يكون جميع مرضى لبنان، الذين يحتاجون إلى عناية قصوى وسريعة، قد أسلموا أمرهم لمن في يديه الدواء الشافي غير الأرضي فإذا سئل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، وهو المؤتمن أكثر من غيره على أمور أبناء رعيته، عن رأيه المتعلق بهذه المسألة الإنسانية، فماذا سيكون جوابه؟ من دون أي اجتهاد مسبق، ونظرًا إلى معرفتنا المتواضعة بمّا يُشغل بال غبطته في هذه الأيام، نجزم بأن جوابه سيكون كجواب معلمه "كنت مريضًا فزرتموني". فالإنسان بالنسبة إليه أهمّ من القانون. ولولا الإنسان لما وضع القانون، وهو وجد من أجل سعادة الإنسان وخدمته على أكمل وجه بعدالة ورحمة. . 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق