قد لا نوافق شبيبة "الثورة" على شعار "كلن يعني كلن" في المطلق. ولكن في التفاصيل يمكن إعتبار هذا الشعار الشعبوي محقًّا فيما لو وضعناه في إطار تحميل الجميع ، مع بعض الإستثناءات، مسؤولية ما آلت إليه أحوال البلاد، أو على الأقل مسؤولية عدم المبادرة للحؤول دون المزيد من التدهور الإنحداري.
"العونيون" يعتبرون أن هذا الشعار قد أصبح مستهلكًا، وهذا ما قاله بالأمس رئيس الجمهورية في تغريدته الأخيرة، حيث إعتبر "أن تعميم التهمة يصب في مصلحة (الفاسدين) لأنه تجهيل للفاسد الحقيقي وتضليل صريح للرأي العام".
صحيح أن التعميم في هذا المجال أو في أي مجال آخر هو نوع من التستّر على الفاسد الحقيقي، ومحاولة لذرّ الرماد في العيون، من دون أن يكون قصد "الثوار" عدم السعي إلى كشف هوية الفاسدين الحقيقيين.
وما قاله الرئيس عون في تغريدته من أن "أول خطوة في محاربة الفساد هي في تسمية الفاسدين والاشارة اليهم بوضوح"، يندرج في إطار التعميم أيضًا، وهو خطأ تكتيكي لا يمكن تركه يمرّ مرور الكرام من دون وضع النقاط على الحروف، إذ أن التعميم في هذا المجال يبقى جائزًا حتى إثبات العكس.
وإذا كانت الخطوة الأولى في هذه المغامرة غير المضمونة النتائج هي في تسمية الفاسدين فإن لهذا الأمر آلية قانونية تبدأ أولًا برفع اليد عن القضاء وبمنع التدخلات السياسية في العمل القضائي وعدم التدّخل في شؤونه الداخلية والإفراج عن التشكيلات القضائية وتحرير القضاء من الزبائنية والمحسوبية والمحاصصة، خصوصًا أننا شهدنا منذ ايام تدخلًا، يُقال إنه من قبل النائب جبران باسيل، للفلفة ملف تصوير الطائرة الخاصة للرئيس سعد الحريري، حيث كانت تربض على أرض المطار.
وهذا ما إعتُبر تدخلًا فاضحًا في عمل القضاء. والدليل أن الملف سُحب من التداول ولم يُفتح اي تحقيق لمعرفة من سرّب هذه الصورة، على رغم أن كثيرين يعرفون هوية المسرّب، وهو قريب من التيار الوطني الحر.
فما دامت القصّة بهذه البساطة، أي بتسمية الفاسدين، فلماذا إنتظرنا كل هذه الفترة، وهل يعتقد أحد أنه في إستطاعة رئيس الجمهورية في الفترة المتبقية له، وهي فترة قصيرة قياسًا إلى ما سبق من سنوات العهد الماضية، أن يحقّق في سنة ونصف السنة ما عجز عن تحقيقه طوال كل تلك السنوات؟
0 Comments: