في الكباش الجاري والذي يتكرر فيه كلام لا ينفيه قصر بعبدا عن عدم رغبته بل رفضه ان يؤلف الرئيس سعد الحريري الحكومة اللبنانية الجديدة وعلى ضوء البيان الذي تلاه الرئيس ميشال عون قبل يوم من الاستشارات النيابية الملزمة داعيا النواب الى تحكيم ضمائرهم.
يسأل البعض لماذا يستمر الحريري في محاولة تأليف الحكومة او انتظار ان تلين معاندة عون للتشكيلة التي اقترحها ؟. هذا السؤال سرى خصوصا بعد تخطي الدولار عتبة العشرة الاف ليرة للبنانية على خلفية ان الرفض المستمر لتأليف الحكومة في ظل تمسك الحريري بمعاييره ورفض عون لهذه المعايير مطالبا بالثلث المعطل باعتبار ان رئيس الجمهورية ولو ان غالبية القوى السياسية واللبنانيين يحملون مسؤولية ما وصل اليه البلد ، فانه باق في موقعه حتى بدعم البطريرك الماروني بشارة الراعي الذي ينتقده على مقاربته لتأليف الحكومة وشروطه المستحيلة.
كما سرى السؤال على اثر بيان للحريري رد فيه على تسريبات تسعى الى استدراجه الى رد فعل من اجل تاكيد استحالة التعايش بينه وبين رئيس الجمهورية ولكن رد الحريري شمل ايضا " حزب الله" الذي هرب من تحميل حليفه رفض تأليف الحكومة الى القاء التبعة على المملكة السعودية. وهذه نغمة دأب عليها التيار العوني في شكل خاص على خلفية ان رئيس الحكومة المكلف يعجز عن تأليف الحكومة بسبب موقف سعودي رافض لمشاركة الحزب في الحكومة. وهذا منطق مناقض لواقع ان الحريري قدم تشكيلة حكومية للرئيس عون...
يعرف الرئيس المكلّف سعد الحريري أن لا مشكلة فعلياً له مع "حزب الله" لكنه يريد أن يحسم المعركة وربما الحرب الدائرة بينه وبين حليف الأخير النائب جبران باسيل رئيس "التيار الوطني الحر"، يدفعه الى ذلك المدى الذي بلغه عداء باسيل له وشراسته في محاربته مستنفراً للنجاح في ذلك نشاطه وجهده والجمهور المسيحي الموالي والمعارض له في آن واحد.
انطلاقاً من اقتناع راسخ عنده وربما غير معلن بأن الخطر على هذا الجمهور كان السنّة مصدره في صورة عامة، وبأن هناك مصلحة مسيحية كما مصلحة شيعية في إنهاء هذا الخطر طبعاً من دون إنهاء دور مصدره أي الطائفة السنّية على الصعيد الوطني اللبناني. يرى الحريري أن تكليفه أعطاه ورقة مهمة لمبادلة مناكفة باسيل بمثلها أو ربما بأشد منها ولمنعه من تحقيق أهدافه السياسية بدءاً بالتربّع على كرسي رئاسة الجمهورية ومروراً بتزعم المسيحيين وانتهاءً باستعادة صلاحيات مهمة للرئيس المسيحي بواسطة تعديلات دستورية جريئة وأعراف يساعده حليفه على تكريسها.
إذا تعذّرت التعديلات أو استحالت. والورقة هي التكليف الدستوري، وإن قبل صدور مرسومه، إذ أن العادة درجت على إصدار مراسيم قبول الاستقالة والتكليف ثم تأليف الحكومة بعد التأليف. ذلك أنه حصل عليه بعد استشارات نيابية ملزمة دستوراً أجراها رئيس الجمهورية. فضلاً عن أن لا شيء في الدستور الذي عدّله "اتفاق الطائف" لعام 1989 ولا في هذا الاتفاق وفي مفاوضات الـ30 يوماً تقريباً التي حصلت في هذه المدينة السعودية برعاية المملكة وسوريا ودول عربية وأميركا.
0 Comments: