السبت، 27 مارس 2021

طرح مبادرات دبلوماسية دولية جادة لدعم لبنان

لا يمكن القول ان الحركة الدبلوماسية الكثيفة التي شهدتها بيروت في الساعات الماضية هي حركة نادرة او غريبة عن السجل القديم والحديث لتجارب الازمات المتنوعة والمختلفة ومع ذلك فان هذه الحركة اكتسبت أهمية لافتة اذ شكلت معالم استنفار دبلوماسي غربي غداة الحركة الديبلوماسية التي اضطلع بها السفير السعودي في بيروت بما يعني ان الضغوط الدبلوماسية للدول الأكثر تأثيرا كالولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا والسعودية دخلت في نقلة نوعية يتعين رصدها بدقة في قابل الأيام .

هذا الاستنفار الدبلوماسي الذي توزعه سفراء وممثلو الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا والأمم المتحدة وبريطانيا ابرز اتجاهين أساسيين ومهمين للغاية : 

الأول إيجابي يتمثل في احتمال ان يكون وراء هذا التحرك تنسيقا بين الدول المعنية لتصعيد الضغوط الخارجية بقوة على المسؤولين اللبنانيين وإفهامهم ان المجتمع الدولي معني باستعجال تشكيل الحكومة الجديدة وانه بعد انفجار العلاقة بين الرئيسين ميشال عون و سعد الحريري لن يبقى متفرجا على الانسداد من منطلق قرار بعدم ترك الشعب اللبناني يعاني منعزلا تداعيات الانهيارات الكبيرة والخطيرة التي تضرب لبنان . 

واما الجانب الثاني فهو سلبي اذ يكشف هذا الاستنفار تصاعد القلق الجدي لدى الدول الكبيرة المعنية حيال انزلاق لبنان بقوة وفي فترة وشيكة نحو اهتزازات خطيرة جراء الانسداد السياسي المترافق مع تضخم الازمات المالية والاقتصادية والاجتماعية وتعاظم المخاوف من اضطرابات امنية.

ولا تزال المجالس السياسيّة اللبنانية تضجّ بالحديث عن الأسباب التي تحول دون ولادة الحكومة وتؤدي إلى تمديد فصول الأزمة المستفحلة تصاعديّاً على طريقة العودة إلى النقطة صفر بدلاً من المساهمة في تقريب مسافة الرحلة إلى السرايا الحكوميّة. 

وبدا في الأشهر الأخيرة أنّ كلّ طريق فرعيّة تستهلّها القوى المعنيّة بالتأليف لسلوك درب الوصول إلى طاولة مجلس الوزراء، لا تساهم عمليّاً في الوصول إلى الوجهة المقصودة بل ينجم عنها الدخول في تفرّعات تولّد اصطدامات وصدامات فجائيّة رغم أنّ هدوء مشاورات ما قبل عاصفة الردود والردود المضادّة كانت تعبّر دائماً عن هدنة في الأفق حيث حرصت الأطراف المعنيّة في كلّ جولة على تهدئة البركان قبل تفجّر حمَمه السياسية.

يبرز على رأس هذا البركان معادلة لم يخفت الحديث عنها في المجالس رغم مرور أكثر من سنة على انكسار جرّة التسوية الرئاسية ومعها انكسرت علاقة الرئيس المكلف سعد الحريري ورئيس "التيار الوطني الحرّ" النائب جبران باسيل السياسية؛ لكن طيف هذه المعادلة لا يزال مخيّماً على مقاربة المراقبين لجهة تصوير معادلة "سعد - جبران" القديمة على أنها إحدى العقد.

0 Comments: