مع بدء الحراك الشعبي ضد الطبقة السياسية قبل أشهر، ظنّ شبان لبنانيون كثر كانوا يحلمون يوماً بالهجرة بإمكانية بناء مستقبلهم في بلدهم، لكن الحلم لم يدم طويلاً بعدما أطاح به تسارع الإنهيار الاقتصادي, وبعدما شاركوا في التظاهرات التي عمت كافة الأراضي اللبنانية منذ 17 تشرين الثاني/أكتوبر رافعين الصوت ضد طبقة حاكمة يتهمونها بالفساد، يملأ طلاب وشبان اليوم طلبات الهجرة للعمل او إكمال تعليمهم في الخارج.
والأمهات اللواتي هتفنّ يوماً متهمين الطبقة السياسية بدفع أولادهن إلى الهجرة، بدأن بتحضير أنفسهنّ لوداعهم، في بلد يشهد إنهياراً اقتصادياً متسارعاً يُعد الأسوأ منذ الحرب الأهلية (1975-1990)، ولا حلول واضحة في الأفق، سوى وعود حكومة جديدة وضعت الأزمة على سلم "أولوياتها",
ومنذ أشهر، يواجه لبنان شحاً في السيولة مع ارتفاع مستمر في أسعار المواد الأساسية وفرض المصارف إجراءات مشددة على العمليات النقدية وسحب الدولار.
وتضاعفت نسبة التضخم بين شهري تشرين الأول/أكتوبر وتشرين الثاني/نوفمبر، وفق تقرير بنك بلوم للاستثمار، بالتزامن مع خسارة الليرة اللبنانية نحو ثلث قيمتها أمام الدولار في السوق الموازية.
وتُهدد الأزمة اللبنانيين في وظائفهم ولقمة عيشهم، وقد أغلقت العديد من المتاجر والشركات أبوابها، وتلقت وزارة العمل عشرات الطلبات بالصرف الجماعي، ما يؤدي حكماً إلى ارتفاع نسبة البطالة.
ويعيش ثلث اللبنانيين أساساً تحت خط الفقر، بينما يبلغ معدل البطالة ثلاثين في المئة في صفوف الشباب. ويحذر البنك الدولي من ارتفاع هذين المعدلين نتيجة الإنهيار الحالي.
ويقول مواطنون "بّت أكره هذا البلد" بسبب الطبقة السياسية التي ترفض مغادرة السلطة ولا تجد مخرجاً للأزمة في الوقت ذاته.
وتقدر مؤسسة "الدولة للمعلومات" للأبحاث والإحصاءات أن وصل عدد اللبنانيين الذين غادروا البلاد من دون عودة في العام 2019 إلى 61,924 مقارنة بـ41,766 في العام السابق أي زيادة بنسبة 42 في المئة.
وعلى معرفات البحث في غوغل، بلغ معدل البحث عن كلمة "هجرة" في لبنان بين شهري تشرين الثاني/نوفمبر وكانون الاول/ديسمبر حده الأقسى خلال خمس سنوات.
ولم يعد محامون يعملون في ملفات الهجرة يمتلكون أوقات فراغ، إذ تنهال عليهم طلبات الراغبين بالذهاب إلى كندا أو أستراليا أو غيرها.
0 Comments: