ضغوط الولايات المتحدة على لبنان مسؤولة عن ترديه الاقتصادي فذلك كلام منقوص، تنقضه الوقائع التي شهدتها دولة لم تعد تملك القدرة على تصريف شؤون مواطنيها. تلك دولة ليست سوى غلاف متهرئ لدولة أخرى يحكمها حزب الله، وما من شيء يقع فيها إلا بناء على رغبة ذلك الحزب وفي سياق سياسته.
وليس مفاجئا أن يتزامن الانهيار المصرفي الذي شهده لبنان مع فرض مزيد من العقوبات الأميركية على حزب الله. لم يكن لبنان مقصودا بتلك العقوبات ولكن تداعياتها انعكست على العمل المصرفي. ما يعني أن جزءا من ذلك العمل كان ولا يزال يدخل ضمن دائرة هيمنة حزب الله.
وإذا ما كانت المؤسسات المالية الدولية قد رهنت مساعداتها للبنان بإصلاحات سيكون على الحكومة اللبنانية أن تقوم بها فإن ذلك يعتبر شرطا تعجيزيا. فالحكومة التي هي من اختراع حزب الله لن تقوى على القيام بإصلاحات تتناقض مع مصالح ذلك الحزب. لن تعمل الحكومة بما يضر بالحزب حتى وإن كان ذلك الضرر ينفع لبنان.
صار من الصعب على العالم كله، وليس على الولايات المتحدة وحدها، أن يتعامل مع لبنان من غير المرور بدوائر حزب الله.
تلك مشكلة لبنانية وليست مشكلة الآخرين الذين يرغبون في مد يد العون إلى لبنان. غير أن لبنان دولة تم اختطافها. التنوع الطائفي اللبناني صار هامشيا في حين تمسك ميليشيا اختطفت الطائفة الشيعية بالمركز وتلك ميليشيا لا تنتمي إلى لبنان إلا بالاسم، أما انتماؤها الحقيقي فهو إلى إيران. حزب الله هو ميليشيا إيرانية. وهو ما جعله يضع لبنان ضمن الحالة الإيرانية.
صار على لبنان بموجب تلك الحسبة أن يدفع ثمن الحصار المفروض على إيران بعد أن تحول إلى ولاية إيرانية، افترض حزب الله أنها ستكون نافعة من جهة التغطية على تصدير المخدرات وغسيل الأموال.
أدخل حزب الله لبنان في متاهة اقتصادية يُمارس فيها الكثير من النصب والاحتيال على القانون بحيث صار من الصعب التمييز بين ما هو نظيف وما هو قذر من العمليات المصرفية وهو ما دفع ثمنه لبنان كله.
اليوم صار من الصعب مد لبنان بأي نوع من المساعدة لسببين. يتعلق الأول بارتياب الجهات المانحة بمصير الأموال التي يمكن أن تذهب إلى حسابات وهمية تعود إلى حزب الله، والثاني يتعلق بعجز الحكومة الحالية عن القيام بإصلاحات حقيقية ستصطدم بالضرورة بمصالح حزب الله. تلك معضلة ليس من اليسير حلها.

0 Comments: